الرد على من يجيز الخروج على ولي الأمر إذا أخذ ماله أو انتزع منزله
الرد على من يجيز الخروج على ولي الأمر إذا أخذ ماله أو انتزع منزله
منذ 4 سنوات
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على من يجيز الخروج على ولي الأمر إذا أخذ ماله أو انتزع منزله
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان الإ على الظالمين.....أما بعد
فمما يلبس به اليوم أهل الأهواء والبدع من الخوارج السرورية والإخوان ويشغبون به على أهل الحديث والأثر من السلفيين فيستدلون به على جواز مقاتلة السلطان عياذا بالله إذا رأى من المصلحة انتزاع الملكية ولو لمصلحة يراها ولو عوض المالك فنشروه وصدقهم ضعاف العقول بما رواه مسلم في صحيحه من طريق سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ ، أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَبَيْنَ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَا كَانَ تَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ، فَرَكِبَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَعَظَهُ خَالِدٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ "وعنبسة وقتها كان أميرا وعاملا
والجواب من عدة أوجه:
الأول : أن عادة أهل البدع والأهواء كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية يعتقدون ثم يستدلون فيعميهم حينئذ الهوى عن تدبر النصوص ووضعها في نصابها من البحث المحقق والنقل المصدق فهم يشنئون ويبترون من الشريعة مايصادم أهواءهم ولذلك يشنأ الله ويبتر ذكرهم بعد موتهم فلهم نصيب من قوله تعالى " إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ" وكما قيل قاتل الله أهل الأهواء يأخذون الذي لهم ويدعون الذي عليهم كما استدل الجهمية بقوله سبحانه ليس كمثله شيء وتركوا وهو السميع البصير وبقتال ابن الزبير للحجاج مع أنه ليس أميرا عليه ...فجند الله من أهل السنن والاثار رجالا بقية من أهل العلم يكشفون زيفهم ويردون باطلهم بعلم محقق ونقل مصدق( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) فالحمدلله الذي جعل في كل زمان ومكان بقية من أهل العلم ينفون عنه انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين
ثانيا : أنهم يستدلون بالمتشابه ويدعون المحكم ولذلك حذر منهم الله سبحانه ورسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها:فقال إذا رأيتم الذين يتبعون ماتشابه فاحذروهم فأولئك الذين سمى الله (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) فعادة الراسخين في العلم رد المتشابه وهو المحتمل إلى المحكم من الأدلة وهو الذي لا احتمال فيه...
ثالثا :من المحكمات والذي استقر عليها الإجماع كما بينه الأمير الصنعاني ترك قتال ولي الأمر والخروج عليه عموما بلا استثناء حتى لو أخذ ماله وجلد ظهره الا الكفر البواح ولا يجوز من بعده الا بقدرة وشروط معروفة كما في صحيح مسلم منقطع وله شاهد عند ابن حبان وأن تسمع وتطيع للأمير وإن جلد ظهركوأخذ مالك وهذه رواية بن حبان عن عبادة ورواية مسلم إسمع وأطع وإن جلد ظهرك وأخذ مالك وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من خرج عن الجماعة قيد شبر فمات مات ميتة جاهلية وما رواه البخاري في صحيحه عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ : " تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ " فقال تسألون الله الحق الذي لكم ولم يرخص بالقتال لأخذ الحق الخاص مهما كان الا أنه قال إلا أن تروا كفرا بواحا
قال بن القيم والاستثناء دليل التناول فحينئذ لا يرخص بالمحكم الظاهر كالشمس في رابعة النهار والاجماع في الشريعة مقاتلة الحاكم ولو انتزع بيتا او مالا ولو غصبا أو مصلحة يراها كما روي أن عمر هدم بيت العباس لتوسيع المسجد النبوي
رابعا : أن حديث مسلم عن عبدالله بن عمرو في الاستعداد للقتال لما أراد عنبسة وهو وقتها كان عاملا أخذ أرضه فذلك من المتشابه الذي يرد للمحكم فيقال حديث من قاتل دون ماله فهو شهيد في غير السلطان وليس هذا باول اجتهاد للصحابي في فهم نص أو رأيا يكون مرجوحا مما دلت النصوص المحكمة على مرجوحيته فالأمثلة كثيرة ولذلك أنكر عليه ووعظه صحابي آخر لتلكم الثوابت المشهورة المعروفة وهو خالد بن أبي العاص فقد ذكر البخاري في صحيحه عن عمار بن ياسر رضي الله عنه فيما رآه من حكم مرجوح عن عائشة والتي فهمت تأولا وأخذا من قوله تعالى : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ... فورا اجراء القصاص على قتلة عثمان فرأى عمارا أن قولها رضي الله عنها مرجوحا وأن الدليل هو أنه لا قصاص حتى يستتب الأمر لولي أمر ثم تكون المطالبة بدمه من أولياءه وهو قول علي بن أبي طالب فعند ذلك قال كما في الرواية ( إن عائشة زوج نبيكم في الدنيا والآخرة وإن الله ابتلاكم بقولها ليعلم أبقوله سبحانه تأخذون أم بقولها) فهذا ابتلاء من الله سبحانه يعلم به من اتبع قوله ممن أعرض عنه فترك المحكم عياذا بالله مثلا للمتشابه مع وصيته في كتابه لا إله إلا هو العليم الحكيم بطريقة الراسخين بترك المتشابه للمحكم والحكم به وتحذيره من طريقة أهل الزيغ
وحينئذ يلزم هؤلاء الذين يتركون المحكمات للمتشابهات شرب الخمر والذي جاء تحريمه بالمحكم لاجل استدلال أحد الصحابة تأولا لشربه وأنه مستثى أخذا بقوله تعالى؛ ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ في قصة معروفة خطأه الصحابة فيها وانكروا تأوله والصحابي تارة ينكر بقوله وتارة ينكر بإعراضه عن العمل ويجعله كبارهم مهجورا مثل تركهم لعمل بريدة من وصيته بوضع الزرع بقبره كما ذكره البخاري فهما له من حديث إنهما يعذبان ووضع نبينا السعف فلم يوافقه أحد في العمل للمحكم الذي فهموه من النص بأن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم
فحديث من قاتل دون ماله فهو شهيد ذلك في غير السلطان فالأصل الجمع بين النصوص وهي طريقة أهل الحديث والأثر بألا تعارض بين عام وخاص فالسلطان مخصص فله حرمته والفتن والدماء قد تشتعل من اجل بيت لواحد من الرعية أخذه غصبا أو لمصلحة رءاها وعوضه ..لو قاتل عياذا بالله فمن يقول نعم لتشتعل وتخالف المحكمات والدلالات الواضحات والاجماع ويهيج الدهماء فتسفك الدماء مع قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المحكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ...فانصفوا عباد الله الحديث فتمسكوا بمحكمه وردوا اليه متشابهه ..