الثلاثاء ، ٢٨ شوّال ، ١٤٤٥ هـ - ٠١:٣٨:٤٢ صباحاً

فوائد قحطانية

فوائد قحطانية -> 📮حتى لا تخسر الدعوة السلفية المباركة رجالها لفضيلة شيخنا الهمام ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله .

الجمعة ، ١٩ ذو الحجة ، ١٤٤٤ هـ - ٠١:٠٦:٣٣ مساءً

 

أما إذا كانت البدعة خفية بحيث أنك لو ذكرتها للعامي المتعلّق بذلك الشيخ , شيخ الضلالة والبدعة الخفية فذكرته محذراً عنه مشنعاً عليه فإنه ينتج عن عدم فهم العامي لهذه البدعة الخفية مزيد تمسك به ونفرة عنك وأنت صاحب حق تبلغه أشياء أعظم من مجرد التحذير من ذلك الرجل , من أخطاء عظيمة في التوحيد وفي غير ذلك مما يستفيده منك لو أنك أسمكت عن الكلام في ذلك الذي تعلق به من أصحاب البدع الخفية .

لذلك فإن النبي ﷺ أرجأ الكلام على الأصنام ولم يتكلّم فيها التي تعلق بها كفار قريش , فلم ينصّ على هبل ويعيرهم بأنه يبول الثعلبان على رأسه وأنه كذا وكذا , بل أول ما بدأ معهم بالعقيدة فقال النبي ﷺ لما جمعهم على الصفا لم يتكلّم في أحد من صناديدهم أبدا لا في أبي سفيان وقد كان كافراً ولا في أبي جهل ولا في أصنامهم أن يسبّها أو ينتقصها والقلوب متعلقة بها معتقدين أنها آلهة من دون الله بل أعرض النبي ﷺ عن ذلك كله في أول أمره ودعاهم للإعتقاد الصحيح حتى تقبل دعوته فإنه لو تكلّم على هبل أو على أبي لهب وأبي جهل لانشغلوا بالدفاع عن هذا الرجل الذي هو من قومهم ومن رؤوسهم عن سماع العلم الذي عند رسول الله ﷺ الذي بعث من أجله وهو تقرير التوحيد ونفي الشرك فصبر رسول الله ﷺ عن ذكر آلهتهم لمصلحة أعظم بلا شك وهي قبول الدعوة .

فأول ما بدأ بهم قال وا صباحاه فجمعهم وصعد على الصفا واجتمعوا ليسمعوه , ولماذا لا يسمعوه وهو الصادق الأمين ما جرّبوا عليه كذبا فقال ( لو أني أخبرتكم أن خيلاً ستغير عليكم من أسفل هذا الوادي أكنتم مصدقي قالوا ما جرّبنا عليك كذبا قال أني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فبلغهم الإعتقاد ) .

كذلك إذا كان لك أصحاب في العمل أو جيران فعلمت أنهم متعلقون بأصحاب بدع خفية لا يستوعبون ماهية بدعتهم ولو شرحتها لهم كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذّب الله ورسوله ) .

- فأول ما تبدأ معهم ببيان الإعتقاد الصحيح الذي مات عليه السلف الصالح وهو أن النبي ﷺ ترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل كتاب الله والسنة .
- علمه الإحتجاج بالكتاب والسنة .
- ترك الإحتجاج بالرّجال وترك التعلق بهم .
- عظّم الله في قلبه حتى يعظّم أوامر الله سبحانه وتعالى .
- ثم إذا عظم التوحيد في قلبه وعرفت أنه تمكّن منه حينئذ لن يصمد رجل ممن تعلّق به ممن بدعته ظاهرة أو خفية أمام التوحيد الذي أصبح صلباً في قلبه إلا وسقط عندما تذكر له كلام عالم مقنع فيه .

أما أن تبدأ مع هذا العامي المبتدئ في الكلام في محبوباته من الرجال الذي يظنهم شيوخ وعلماء وهم لا يصلوا إلى مرتبة أن يتكلموا بحرفين في مجلس الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أو بمجلس حتى علمائنا الفضلاء .
فإذا جئت تطعن فيهم وتشنع عليهم وتسميهم أمامه فإنه حينئذ لن يقبل دعوتك وسينشغل بالدفاع عن محبوباته أو من يحبهم عن سماع الحق وهو أعظم مصلحة من التحذير من ذلك الشخص بعينه .

وهكذا ينبغي أن يكون الأمر حتى لا تخسر هذه الدعوة المباركة رجالها الذين يدعون إليها فيتقلّصون عن العامة واحدا تلوى الآخر بسبب أنه فاته طريقة الرسول ﷺ في الدعوة وأخذتهم الغيرة في الدعوة إلى الله إلى حد قدموا شيء أخّره السلف , فقدموا الكلام في الرّجال قبل أن يقدموا العلم للناس ويبينوا لهم منهج السلف قبل أن يتعرضوا لأي رجل من المعاصرين .

منهج السلف كأن يتلوا عليهم ما قرره مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه وكيف كان السلف يتكلّمون على الرّجال ولا يتعرّض لأحد ويقرر لهم التوحيد ويقرأ عليهم الثلاثة الأصول ويعلمهم أحكام الطهارة ويعلمهم أحكام الحيض والنفاس حتى إذا بدأوا ينشرحون للعلم ويعرفون قدره ويعظموه .

فحينئذ إجعل هذا مثالا على العلم وأن من العلم الذي تريد أن تتبعه أن من العلم أن جرح الرواة ليس من الغيبة المحرّمة بل هو ذب عن الشريعة المكرّمة وتذكر له الأدلة على ذلك فسيقبل حينئذ .

أما أن تكلمه في الرجال وهو ما حاك العلم وظن أن أي إنسان يتكلم في الساحة عالم وما ميز بين الخطيب والفقيه واختلط عليه الأمر والتبس جدا ثم جأت تكلمه عن فلان وعلان ممن بدعه خفية , فحينئذ لن يسمع منك ما في جعبتك من علم مما قد تسعفه به وتنقذه به من النار .

فابدأ بما بدأ به رسول الله ﷺ بترسيخ العقيدة وتعليمه أمور دينه , فسيرى منك الفائدة التي لا يجدها عند من يمشي معهم من الحزبيين , فسيتعلق بك ويقدم لك الأسئلة , وحينئذ لو قدمت له كلام عالم أنه قال في فلان كذا فلن يطلب منك حتى المصدر لأنه واثق فيك .
أما أن تبدأ فتفجأه بالكلام في الرجال خاصة في البدع الخفية التي لا يعقلها فإن هذا مخالف لمنهج السلف الصالح وأنت لا تشعر [ ١ ] .

---------------------------------------------------------


[ ١ ] منتقاة من شرح شيخنا على مقدمة مسلم ابن الحجّاج على صحيحه .

🖌 أبو أيمن أمين الجزائري وفقه الله .

  • تحميل:

رابط تويتر للمجلة

البث المباشر